في بلد يضج بالأزمات السياسية والأمنية والإقتصادية، حيث تهددنا الحرب الكبيرة في كل لحظة، وأمام الإنهيار التدريجي الحاصل في الإمعان بتشويه رسالة لبنان ودوره الثقافي في محيطه، ليس لنا إلا أن نعول على بعض الوجوه البهية، التي نرى في محياها صورة لبنان الشامخة والراقية والراسخة، صورة لبنان الحقيقية في المحافل العربية والدولية.
السيدة العظيمة ماجدة الرومي، وعلى مر السنوات، شرفت لبنان بصوتها والتزامها الوطني، وحبها وعشقها للبنان، حتى باتت رمزاً يساوي وجه لبنان اللامع المنفتح، الذي يحاكي الضمير الإنساني، بلغة الحب والأدب والرقي والفخامة.
ماجدة الرومي ولدت لتغني وتتكلم، لأنها وإن تكلمت، على البعض أن يصمت صمت القبور، بدلاً من التطاول على قامة مشرفة.
في التفاصيل، وخلال إحيائها حفلاً غنائياً ضمن ليالي السعديات في أبو ظبي، وحيث أشرقت كشمس لبنان، ساطعة بصوت ذهبي وأداء بات خارج التقييم، ألقت ماجدة الرومي كلمة أشادت فيها بأبو ظبي وناسها وحكامها، وتابعت بالقول: "جايين من لبنان، مطرح ما عم نعيش أبشع كوابيسنا بسبب الإجرام المقترَف في حقنا من قبل يلي اسمهم منّا وفينا وهم مش هيك، ما فينا إلا ما نتوقف أمام الإنجازات اللي عم نشوفها كيف ما مشينا في هذا البلد الحبيب، منشوف بعيونا كيف العظماء بيعملوا الجنة على الأرض".
بعد هذا التصريح، تصدرت السيدة ماجدة الرومي الترند، عبر منصة إكس في لبنان، وتعرضت لحملة تخوين وشيطنة شرسة معيبة ومقيتة، بحق هذه القامة المجبولة من تراب هذا الوطن، والشامخة كأرزه.
كلماتها هي حقيقة، هي واقع، لا بل توصيف دقيق للمأساة التي حلت بالشعب اللبناني الضحية، الذي تعرض ويتعرض للإبادة من سلطة تفتقد أهلية الحكم.
أليس كابوساً الإنهيار الإقتصادي الحاصل؟
أليس كابوساً مرور أكثر من سنة ونصف السنة على الفراغ الرئاسي وحكومة تصريف أعمال؟
أليست كابوساً الحرب التي تهددنا في كل لحظة، وتعصف بجنوبنا الحبيب؟!
أليس كابوساً إنفجار المرفأ وتعطيل تحقيقاته؟
أليس كابوساً أن تصبح قطعة السما المقدسة مدنسة بطغمة حاكمة خذلت الشعب والوطن؟
ماجدة الرومي لم تقم بإهانة الوطن، فهي وطنية أباً عن جد رغم أنوفكم، وهي التي حاكت قيامة بيروت من تحت الردم، وتجرأت وانتقدت الأنظمة المستبدة والديكتاتورية، مناصرة حقوق الشعب المهدورة في أغنية "سيدي الرئيس"، والقافلة تطول وتطول.
ماجدة الرومي لا تحتاج إختباراً في الوطنية، ولا دروساً، هي سيدة ونجمة وتاريخ بحجم وطن، تفيض وطنية وانتماءً وحباً لهذه الأرض، وهذا ما دفعها إلى نشر فيديو من الحفل، علقت عليه: "بعدو بلدنا حلو.. وبعدو جنة، وراح يبقى، ومهما عملوا فينا، وأجرموا .. اتأكدوا ان الكلمة الأخيرة لربنا.. لبنان عنده رب".
وإلى من انتقد إشادتها بالإمارات وأهلها، فات هؤلاء أن الإمارات باتت تسبقنا بمئات الآلاف من السنوات الضوئية في المجالات كافة، السياسية والإجتماعية والإقتصادية والنهضة الثقافية، والسبب حكمة وقيادة قادتها، وتخطيطهم المتواصل لإسعاد شعبهم. أما لبنان، فتنطبق عليه مقولة "حاميها حراميها". وهذا لا يعني التطاول على الوطن على الإطلاق، الوطن مقدس كالدين، بل التطاول على سلطة حاقدة منافقة، سرقتنا وسلبتنا كرامتنا وأموالنا، وتحاول مصادرة رأينا بكافة الوسائل.
إذاً في الخلاصة، ماجدة الرومي لم تخطئ، وحملة التخوين والإساءة مردودة أصلاً على أصحابها، فنحن نقدر ماجدة الرومي واحترامها طيلة مسيرتها لفنها الملتزم، ووطنها ومحبيها على امتداد العالم العربي.